ماكرون في الإليزيه مجدداً.. فوز مريح يجافي الرهانات الخاسرة

ماكرون في الإليزيه مجدداً.. فوز مريح يجافي الرهانات الخاسرة
إيمانويل ماكرون

خبيرة اقتصادية: المسلمون تحولوا إلى تميمة الحظ في فوز ماكرون بالانتخابات الرئاسية

خبير سياسي: فاز المدافع الصلب عن الاتحاد الأوربي مقابل خسارة الرافضة للعولمة والاتحاد الأوروبي والأجانب

 

تمكن إيمانويل ماكرون من الحفاظ على مقعده في قصر الإليزيه، رئيساً لفرنسا لولاية ثانية، ليكون أول رئيس فرنسي يحظى بولاية ثانية منذ 20 عاماً.

وأعلنت وزارة الداخلية الفرنسية، الاثنين، النتائج النهائية لانتخابات الرئاسة، بفوز الرئيس إيمانويل ماكرون على منافسته اليمينية المتطرفة مارين لوبان بـ58.54 بالمئة من الأصوات.

وماكرون (44 عاماً) هو أول رئيس فرنسي يُعاد انتخابه لولاية ثانية خلال 20 عاما، منذ إعادة انتخاب جاك شيراك في عام 2002، الفوز الذي يراه محللون "أراح الجميع".

ويقول مراقبون إن باريس وسائر عواصم العالم تعيش أزمات مصيرية كبرى، لم تعد تحتمل أن تتربع يمينية متطرفة على رأس السلطة في دولة بحجم فرنسا.

إنجاز تاريخي

وبحسب فضائية "فرانس 24" الرسمية، اختار الفرنسيون ماكرون مرشح "الجمهورية إلى الأمام" لولاية ثانية تمتد خمس سنوات، عقب دعوات لقطع الطريق على مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان، واصفة إياه بـ"الإنجاز التاريخي".

وفي خطاب الفوز أمام أنصاره، أقر ماكرون بعدم رضاه عن فترة حكمه الأولى، متعهدا بالسعي للتغيير، في حين تحولت الأنظار إلى الانتخابات البرلمانية، التي من المقرر أن تجري في يونيو المقبل، واحتمالات تعرض تيار ماكرون للهزيمة.

وتجسيداً لحالة الارتياح العالمي لما أسفرت عنه رئاسيات فرنسا، سارع قادة الدول إلى التهنئة والترحيب بفوز ماكرون، رغم أن النسبة التي فاز بها في الانتخابات، أقل من نظيرتها في عام 2017 حين تغلب على لوبان بنحو 66.1 بالمئة في أول مواجهة انتخابية بينهما.

وعزا مراقبون جزءا كبيرا من نجاح ماكرون إلى المسلمين في فرنسا، والذين تحولوا إلى تميمة الحظ في الانتخابات الرئاسية، لا سيما أن تصريحات لوبان "العنصرية" ودعواتها القومية المتمثلة في "فرنسا للفرنسيين" أقلقت المسلمين الذين يصل عددهم إلى نحو 8 ملايين فرنسي، إضافة إلى المهاجرين الأفارقة.

تلك الورقة الرابحة التي تلقفها ماكرون بتأكيده على عبارة "سأكون خادما ورئيسا لكل الفرنسيين دون تمييز"، كما ظهرت أيضا في مشاركة المطربة المصرية فرح الديباني، في إحياء حفل فوزه، على اعتبار أن عاصمة النور ستظل منارة للحريات والتنوع ولن تنساق وراء دعوات التطرف.

 وبخسارة لوبان لم تطمئن فرنسا وحدها بل قادة أوروبا أيضا، فالسيدة اليمينية كانت تؤيد انسحاب بلادها من الاتحاد الأوروبي، كما أن الكشف عن حصولها على قروض من روسيا وأنها حليفة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان مثارا لقلق أوروبا.

فوز مستحق

بدورها قالت الخبيرة الاقتصاد الفرنسية من أصل تونسي آسيا الساكري، إن ماكرون خاض انتخابات عام 2017 دون الإسراف في الوعود، فقد تمحور برنامجه على إصلاح ما أفسده سلفه الرئيس نيكولا ساركوزي.

وأوضحت الساكري لـ«جسور بوست» أن فرانسو أولاند (2012-2017) لم يؤثر بالسلب ولا بالإيجاب على فرنسا، لكن إدارة ساركوزي (2007-2012) كبدت البلد الأوروبي خسائر فادحة بدعم التيارات الإسلامية في ثورات الربيع العربي ورجال الأعمال الفاسدين.

وأضافت: "تزامنت فترة ماكرون الأولى مع جائحة كورونا، وقد أدار الأزمة بكفاءة وسياسة ممتازة، حتى كانت فرنسا هي الدولة الوحيدة التي تصرف لموظفيها كامل رواتبهم وهم في داخل منازلهم أثناء فترة الحجر، ولم يلجأ إلى تخفيض الرواتب كما فعلت ألمانيا بل توجه إلى خزينة الدولة ومدخراتها وردها مرة أخرى للمواطنين خاصة الطبقة الوسطى".

 وتابعت الساكري: "المسلمون في عهد الولاية الأولى لماكرون لم يخسروا أي من امتيازاتهم، فكان من الطبيعي أن يدعموه، كما أنه يعد رجل اقتصاد يقف وراءه المسلمون وغير المسلمين".

وقالت: "مارين لوبان قدمت برنامجا اجتماعيا مغرياً، لكنه مبالغ في الانحياز لصالح الفقراء، ولذلك ارتأى الناخب الفرنسي عدم الانجراف وراء الشعارات الخيالية ودعم ماكرون لاستكمال ما بدأه من إصلاحات".

 وأوضحت: "زيادة نسبة الأصوات التي حصلت عليها لوبان هذه الجولة (نحو 42 بالمئة) على سابقتها (33 بالمئة) لا تدل على زيادة حجم اليمين المتطرف، بل لدعم الفقراء لها بسبب برنامجها المغري، ورغبة النساء في دعمها على أمل وصول امرأة قوية إلى حكم، على غرار تجربة أنجيلا ميركل في ألمانيا".

واختتمت الساكري قائلة: "نعلم أننا كفرنسيين لا يشغلنا كثيراً التطرف لأن الدستور يحمينا من أي شطحات سياسية، لكن فوز ماكرون كان بسبب أنه رجل اقتصاد ناجح، خاصة أن العالم يعاني من أزمات اقتصادية طاحنة لا تحتمل رهانات خاسرة".

مدافع صلب

بدوره، وصف الكاتب والخبير السياسي المصري عمرو الشوبكي، فوز ماكرون على منافسته لوبان بـ"المريح"، لكن في المقابل أصبح اليمين المتطرف على أبواب قصر الإليزيه بعد حصولها على 42 بالمئة في الانتخابات.

وأضاف الشوبكي، في تدوينة عبر حسابه على فيسبوك: "اليمين المتطرف يهدد المنظومة القائمة أو على الأقل يرغب في تغيير قواعدها، فهو يطرح بزعامة مارين لوبان أفكار عنصرية، وفي الوقت نفسه يدافع عن السيادة الوطنية في مواجهة العولمة، وعن الأمة الفرنسية في مواجهة الاتحاد الأوروبي".

وتابع: "الخلاف بين مشروع لوبان وماكرون عميق وكبير، وهو يختلف عن مشروع الأخير الذي أوصله للسلطة في انتخابات 2017، فقد أسس حزب جديد (فرنسا إلى الأمام) لم يكن هدفه مواجهة المنظومة السائدة إنما إصلاحها".

وعن المقارنة بين المتنافسين على رئاسيات فرنسا، قال الشوبكي: "كان ماكرون ابن العولمة ومدافع صلب عن الاتحاد الأوروبي، حتى لو طالب بإصلاحه، أما لوبان فهي ترفض العولمة والاتحاد الأوروبي والأجانب، حتى لو استخدمت في الفترة الأخيرة أدوات ناعمة للتعبير عن هذا الرفض".

ومضى قائلاً: "حصيلة حكم ماكرون كان فيها إخفاقات كثيرة، خاصة على المستوى الاقتصادي وتراجع القوة الشرائية للفرنسيين، ومع ذلك فإن خوف قطاع كبير منهم من الانتقال من حالة إصلاح المنظومة القائمة إلى تغييرها، في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، واتهام لوبان بأنها حليف مستتر لبوتين، بكشف حصولها على قرض من بنك روسي أصاب مصداقية خطابها الوطني، وهو ما دفع كثيرون للتصويت ضدها لصالح ماكرون.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية